إدارة الإفتاء

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف

  • باب صلاة الكسوف

1) تعريف الكسوف :

الكسوف والخسوف شيء واحد وهو: ذهاب ضوء أحد النيِّرين (الشمس أو القمر) أو بعضه, يقال: انكسفت الشمس أو انخسفت, وانكسف القمر أو انخسف، إذا ذهب نورهما أو شيء منه, وإن كان الغالب أن الكسوف يطلق على الشمس، والخسوف على القمر.

2) حكم صلاة الكسوف :

صلاة الكسوف سُنة مؤكدة عند وجود سببها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها كما في حديث المغيرة بن شعبة قال: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاسُ انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ) [رواه البخاري ومسلم] .

3) وقت صلاة الكسوف :

يبدأ وقت صلاة الكسوف من حين ابتداء الكسوف حتى ذهابه وانجلائه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث السابق : (... فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ )؛ فجعل الانجلاء غاية للصلاة ونهايتها .

فإن انجلت وهو في الصلاة أتمها وخففها .

4) صفة صلاة الكسوف :

- صلاة الكسوف ركعتان جهراً؛ لحديث عائشة رضي الله عنها (أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ في صَلاَةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ...) [رواه البخاري ومسلم] .

- في كل ركعة ركوعان ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها (أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ مُنَادِيًا «الصَّلاَةَ جَامِعَةً»، فَاجْتَمَعُوا وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ في رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ) [رواه مسلم] .

- يقرأ في الركعة الأولى: الفاتحة وسورة طويلة، ثم يركع ويطيل في ركوعه، ثم يرفع رأسه من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده, ربنا ولك الحمد, ولا يسجد بل يقرأ الفاتحة وسورة طويلة لكنها دون الأولى، ثم يركع طويلاً لكنه دون الأول، ثم يرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده, ربنا ولك الحمد، ثم يسجد سجدتين طويلتين .

- يصلى الركعة الثانية كالركعة الأولى ، لكنها تكون أخف منها , ثم يتشهد ويُسلِّم . والدليل على هذه الكيفية حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (خَسَفَتِ الشَّمْسُ في حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً هُوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ». ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ...) [رواه مسلم].

- ويجوز له أن يأتي في كل ركعة بثلاثة ركعات أو أربعة أو خمسة على الكيفية السابقة :

* أما الثلاثة؛ فلحديث عائشة رضي الله عنها: (كُسِفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قِيَامًا شَدِيدًا يَقُومُ بِالنَّاسِ ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ يَرْكَعُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ يَسْجُدُ...) [رواه مسلم وأبو داودي .

* وأما الأربعة؛ فلحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (أَنَّهُ صَلَّى في كُسُوفِ الشَّمْسِ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ، وَالأُخْرَى مِثْلُهَا) [رواه مسلم].

* وأما الخمسة؛ فلحديث أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه قال : (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهِمْ فَقَرَأَ بِسُورَةٍ مِنَ الطُّوَلِ وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ فَقَرَأَ سُورَةً مِنَ الطُّوَلِ وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو حَتَّى انْجَلَى كُسُوفُهَا) [رواه أبوداود وسكت عنه, وضعفه النووي] .

- والقيام الثاني وكذا الركوع الثاني سُنة ، ولذا من أدرك الإمام في القيام الثاني أو في الركوع الثاني لا يُعتبر مدركاً للركعة، وكذا لا تبطل الصلاة بتركه؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الكسوف ركعتين كل ركعة بركوع واحد؛ كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلاةِ وَقَامَ الَّذِينَ مَعَهُ فَقَامَ قِياماً فَأَطَالَ القِيامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَجَلَسَ فَأَطَالَ الجُلُوسَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَامَ فَصَنَعَ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا صَنَعَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنَ القِيَامِ وَالرُّكُوع وَالسُّجُودِ وَالجُلُوسِ ...) [رواه أحمد والنسائي بإسناد صحيح] .

- ويجوز له أن يصليها كصلاة النافلة: ركعتين في كل ركعة ركوع واحد؛ للحديث السابق, ولأن ما زاد عليه سنة لا تبطل الصلاة بتركه كما مرَّ.

* تنبيهان :

1- صلاة الكسوف سنة من غير خطبة بعدها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصلاة والدعاء والتكبير والصدقة فقال: (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا...) [رواه البخاري ومسلم] . ولم يأمرهم بخطبة، ولو كانت سنّة لأمرهم بها, وإنما خطب النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة ليعلمهم حكمها.

2- إذا فاتت صلاة الكسوف فلا تُقضَى؛ لأنه قد فات سببها, وقد مرّ قول النبي صلى الله عليه وسلم: (...فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ)؛ فجعل الانجلاء غاية للصلاة, ولأن الصلاة إنما سُنّت رغبةً إلى الله في ردِّها، فإذا حصل ذلك حصل مقصود الصلاة .

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - دولة الكويت - إدارة الإفتاء